١٧

وقوله: {وحفظناها من كل شيطان رجيم}.

فإن قيل: ما معنى وحفظناها من كل شيطان رجيم، والشيطان لا قدرة له على هدم السماء فأي حاجة إلى حفظ السماء منه.

قلنا: لما منعه من القرب منها، فقد حفظ السماء من مقاربة الشيطان فحفظ اللّه السماء منهم كما قد يحفظ منازلنا عن متجسس يخشى منه الفساد ثم نقول: معنى الرجم في اللغة الرمي بالحجارة.

ثم قيل للقتيل رجم تشبيها له بالرجم بالحجارة، والرجم أيضا السب والشتم لأنه رمي بالقول القبيح ومنه قوله: {لارجمنك} أي لأسبنك، والرجم اسم لكل ما يرمى به، ومنه قوله: {وجعلناها رجوما للشياطين} (الملك: ٥) أي مرامي لهم، والرجم القول بالظن، ومنه قوله: {رجما بالغيب} (الكهف: ٢٢) لأنه يرميه بذلك الظن والرجم أيضا اللعن والطرد، وقوله الشيطان الرجيم، قد فسروه بكل هذه الوجوه.

قال ابن عباس رضي اللّه عنهما: كانت الشياطين لا تحجب عن السموات، فكانوا يدخلونها ويسمعون أخبار الغيوب من الملائكة فيلقونها إلى الكهنة، فلما ولد عيسى عليه السلام منعوا من ثلاثة سموات، فلما ولد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم منعوا من السموات كلها، فكل واحد منهم إذا أراد استراق السمع رمى بشهاب.

﴿ ١٧