| ٧والمنفعة الثانية: قوله: {وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الانفس إن ربكم لرؤوف رحيم} وفيه مسألتان: المسألة الأولى: الأثقال جمع ثقل وهو متاع المسافر لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس. قال ابن عباس: يريد من مكة إلى المدينة. أو إلى اليمن. أو إلى الشام. أو إلى مصر. قال الواحدي: هذا قوله والمراد كل بلد لو تكلفتم بلوغه على غير إبل لشق عليكم وخص ابن عباس هذه البلاد، لأن متاجر أهل مكة كانت إلى هذه البلاد، وقرىء: {بشق الانفس} بكسر الشين وفتحها، وأكثر القراء على كسر الشين. والشق المشقة والشق نصف الشيء، وحمل اللفظ ههنا على كلا المعنيين جائز، فإن حملناه على المشقة كان المعنى: لم يكونوا بالغيه إلا بالمشقة، وإن حملناه على نصف الشيء كان المعنى: لم يكونوا بالغيه إلا عند ذهاب النصف من قوتكم أو من بدنكم ويرجع عند التحقيق إلى المشقة. ومن الناس من قال: المراد من قوله: {والانعام خلقها} الإبل فقط بدليل أنه وصفها في آخر الآية بقوله {وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه} وهذا الوصف لا يليق إلا بالإبل. قلنا: المقصود من هذه الآيات تعديد منافع الأنعام فبعض تلك المنافع حاصلة في الكل وبعضها مختص بالبعض، والدليل عليه: أن قوله: {ولكم فيها جمال} حاصل في البقر والغنم مثل حصوله في الإبل. واللّه أعلم. المسألة الثانية: احتج منكرو كرامات الأولياء بهذه الآية فقالوا: هذه الآية تدل على أن الإنسان لا يمكنه الانتقال من بلد إلى بلد إلا بشق الأنفس؛ وحمل الأثقال على الجمال ومثبتو الكرامات يقولون: إن الأولياء قد ينتقلون من بلد إلى بلد آخر بعيد في ليلة واحدة من غير تعب وتحمل مشقة، فكان ذلك على خلاف هذه الآية فيكون باطلا، ولما بطل القول بالكرامات في هذه الصورة بطل القول بها في سائر الصور، لأنه لا قائل بالفرق. وجوابه: أنا نخصص عموم هذه الآية بالأدلة الدالة على وقوع الكرمات. واللّه أعلم. | 
﴿ ٧ ﴾