١٠والصفة الثالثة: قوله: {وأن الذين لا يؤمنون بالاخرة أعتدنا لهم عذابا أليما} وذلك لأن الاعتقاد الأصوب والعمل الأصلح، كما يوجب لفاعله النفع الأكمل الأعظم، فكذلك تركه يوجب لتاركه الضرر الأعظم الأكمل. واعلم أن قوله: {وأن الذين لا يؤمنون بالاخرة} عطف على قوله: {أن لهم أجرا كبيرا} والمعنى أنه تعالى بشر المؤمنين بنوعين من البشارة بثوابهم وبعقاب أعدائهم، ونظيره قوله: بشرت زيدا أنه سيعطى وبأن عدوه سيمنع. فإن قيل: كيف يليق لفظ البشارة بالعذاب؟ قلنا: مذكور على سبيل التهكم، أو يقال: إنه من باب إطلاق اسم الضدين على الآخر، كقوله: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} (الشورى: ٤٠). فإن قيل: هذه الآية واردة في شرح أحوال اليهود وهم ما كانوا ينكرون الإيمان بالآخرة، فكيف يليق بهذا الموضع قوله: {وأن الذين لا يؤمنون بالاخرة أعتدنا لهم عذابا أليما}. قلنا عنه جوابان: أحدهما: أن أكثر اليهود ينكرون الثواب والعقاب الجسمانيين، والثاني: أن بعضهم قال: {لن تمسنا النار إلا أياما معدودات} (آل عمران: ٢٤) فهم في هذا القول صاروا كالمنكرين للآخرة، واللّه أعلم. |
﴿ ١٠ ﴾