٤

وأما قوله تعالى: {تنزيلا ممن خلق الارض والسماوات العلى}

ففيه مسائل:

المسألة الأولى: ذكروا في نصب تنزيلا وجوها.

أحدها: تقديره نزل تنزيلا ممن خلق الأرض فنصب تنزيلا بمضمر.

وثانيها: أن ينصب بأنزلنا لأن معنى ما أنزلناه إلا تذكرة أنزلناه تذكرة.

وثالثها: أن ينصب على المدح والاختصاص.

ورابعها: أن ينصب بيخشى مفعولا به أي أنزله اللّه تعالى: {تذكرة لمن يخشى} تنزيل اللّه وهو معنى حسن وإعراب بين وقرىء تنزيل بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف.

المسألة الثانية: فائدة الانتقال من لفظ التكلم إلى لفظ الغيبة أمور،

أحدها: أن هذه الصفات لا يمكن ذكرها إلا مع الغيبة.

وثانيها: أنه قال أولا أنزلنا ففخم بالإسناد إلى ضمير الواحد المطاع ثم ثنى بالنسبة إلى المختص بصفات العظمة والتمجيد فتضاعفت الفخامة من طريقين.

وثالثها: يجوز أن يكون أنزلنا حكاية لكلام جبريل عليه السلام والملائكة النازلين معه.

المسألة الثالثة: أنه تعالى عظم حال القرآن بأن نسبه إلى أنه تنزيل ممن خلق الأرض وخلق السموات على علوها وإنما قال ذلك لأن تعظيم اللّه تعالى يظهر بتعظيم خلقه ونعمه وإنما عظم القرآن ترغيبا في تدبره والتأمل في معانيه وحقائقه وذلك معتاد في الشاهد فإنه تعظم الرسالة بتعظيم حال المرسل ليكون المرسل إليه أقرب إلى الامتثال.

المسألة الرابعة: يقال سماء عليا وسموات علا وفائدة وصف السموات بالعلا الدلالة على عظم قدرة من يخلق مثلها في علوها وبعد مرتقاها

﴿ ٤