١٢

وقال: {فلما أحسوا بأسنا} ـ إلى قوله ـ {قالوا يأبانا * قالوا إنا كنا ظالمين} وكل ذلك لا يليق إلا بأهلها الذين كلفوا بتصديق الرسل فكذبوهم ولولا هذه الدلائل لما جاز منه سبحانه ذكر المجاز لأنه يكون ذلك موهما للكذب، واختلفوا في هذا إلهلاك فقال ابن عباس: المراد منه القتل بالسيوف والمراد بالقرية حضور وهي وسحول قريتان باليمن ينسب إليهما الثياب.

وفي الحديث: "كفن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في ثوبين سحوليين" وروى: "حضوريين بعث اللّه إليهم نبيا فقتلوه فسلط اللّه عليهم بختنصر كما سلطه على أهل بيت المقدس فاستأصلهم" وروى: "أنه لما أخذتهم السيوف نادى مناد من السماء يا لثارات الأنبياء" فندموا واعترفوا بالخطأ، وقال الحسن: المراد عذاب الاستئصال، واعلم أن هذا أقرب لأن إضافة ذلك إلى اللّه تعالى أقرب من إضافته إلى القاتل، ثم بتقدير أن يحمل ذلك على عذاب القتل فما الدليل على قول ابن عباس ولعل ابن عباس ذكر حضور بأنها إحدى القرى التي أرادها اللّه تعالى بهذه الآية،

وأما قوله تعالى: {فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون} فالمعنى لما علموا شدة عذابنا وبطشنا علم حس ومشاهدة ركضوا في ديارهم، والركض ضرب الدابة بالرجل، ومنه قوله تعالى: {اركض برجلك} فيجوز أن يكونوا ركبوا دوابهم يركضونها هاربين منهزمين من قريتهم لما أدركتهم مقدمة العذاب، ويجوز أن يشبهوا في سرعة عدوهم على أرجلهم بالراكبين الراكضين،

﴿ ١٢