٨الصفة السادسة: قوله تعالى: {والذين هم لاماناتهم وعهدهم راعون} قرأ نافع وابن كثير {*لأمانتهم} واعلم أنه يسمى الشيء المؤتمن عليه والمعاهد عليه أمانة وعهدا ومنه قوله تعالى: {ظليلا إن اللّه يأمركم أن تؤدوا الاحمانات إلى أهلها} وقال: {وتخونوا أماناتكم} (الأنفال: ٢٧) وإنما تؤدي العيون دون المعاني فكان المؤتمن عليه الأمانة في نفسه والعهد، ما عقده على نفسه فيما يقربه إلى ربه ويقع أيضا على ما أمر اللّه تعالى به كقوله: {الذين قالوا إن اللّه عهد إلينا} (آل عمران: ١٨٣) والراعي القائم على الشيء لحفظ وإصلاح كراعي الغنم وراعي الرعية، ويقال من راعى هذا الشيء؟ أي موليه. واعلم أن الأمانة تتناول كل ما تركه يكون داخلا في الخيانة وقد قال تعالى: {تشكرون يأيها الذين ءامنوا لا تخونوا اللّه والرسول وتخونوا أماناتكم} (الأنفال: ٢٧٠) فمن ذلك العبادات التي المرء مؤتمن عليها وكل العبادات تدخل في ذلك، لأنها أما أن تخفي أصلا كالصوم وغسل الجنابة وإسباغ الوضوء أو تخفي كيفية إتيانه بها وقال عليه السلام: "أعظم الناس خيانة من لم يتم صلاته" وعن ابن مسعود رضي اللّه عنه: "أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخر ما تفقدون الصلاة" ومن جملة ذلك ما يلتزمه بفعل أو قول فيلزمه الوفاء به كالودائع والعقود وما يتصل بهما. ومن ذلك الأقوال التي يحرم بها العبيد والنساء لأنه مؤتمن في ذلك، ومن ذلك أن يراعى أمانته فلا يفسدها بغصب أو غيره، وأما العهد فإنه دخل فيه العقود والإيمان والنذور، فبين سبحانه أن مراعاة هذه الأمور والقيام بها معتبر في حصول الفلاح. |
﴿ ٨ ﴾