١٢{ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين}. اعلم أنه سبحانه لما أمر بالعبادات في الآية المتقدمة، والاشتغال بعبادة اللّه لا يصح إلا بعد معرفة الإله الخالق، لا جرم عقبها بذكر ما يدل على وجوده واتصافه بصفات الجلال والوحدانية فذكر من الدلائل أنواعا: النوع الأول: الاستدلال يتقلب الإنسان في أدوار الخلقة وأكوان الفطرة وهي تسعة: المرتبة الأولى: قوله سبحانه تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} والسلالة الخلاصة لأنها تسل من بين الكدر، فعالة وهو بناء يدل على القلة كالقلامة والقمامة، واختلف أهل التفسير في الإنسان فقال ابن عباس وعكرمة وقتادة ومقاتل: المراد منه آدم عليه السلام فآدم سل من الطين وخلقت دريته من ماء مهين، ثم جعلنا الكناية راجعة إلى الإنسان الذي هو ولد آدم، والإنسان شامل لآدم عليه السلام ولولده، وقال آخرون: الإنسان ههنا ولد آدم والطين ههنا اسم آدم عليه السلام، والسلالة هي الأجزاء الطينية المبثوثة في أعضائه التي لما اجتمعت وحصلت في أوعية المنى صارت منيا، وهذا التفسير مطابق لقوله تعالى: {وبدأ خلق الإنسان من طين * ثم جعل نسله من سلالة من ماء * معين} (السجدة: ٧، ٨) وفيه وجه آخر، وهو أن الإنسان إنما يتولد من النطفة وهي إنما تتولد من فضل الهضم الرابع وذلك إنما يتولد من الأغذية، وهي أما حيوانية وأما نياتية، والحيوانية تنتهي إلى النباتية، والنبات إنما يتولد من صفو الأرض والماء فالإنسان بالحقيقة يكون متولدا من سلالة من طين، ثم إن تلك السلالة بعد أن تواردت على أطوار الخلقة وأدوار الفطرة صارت منيا، وهذا التأويل مطابق للفظ ولا يحتاج فيه إلى التكلفات. |
﴿ ١٢ ﴾