٥

الشبهة الثانية لهم: قوله تعالى: {وقالوا أساطير الاولين اكتتبها فهى تملى عليه بكرة وأصيلا} وفيه أبحاث:

البحث الأول: الأساطير ما سطره المتقدمون كأحاديث رستم واسفنديار، جمع أسطار أو أسطورة كأحدوثة {اكتتبها} انتسخها محمد من أهل الكتاب يعني عامرا ويسارا وجبرا، ومعنى اكتتب ههنا أمر أن يكتب له كما يقال احتجم وافتصد إذا أمر بذلك {فهى تملى عليه} أي تقرأ عليه والمعنى أنها كتبت له وهو أمي فهي تلقي عليه من كتابه ليحفظها لأن صورة الإلقاء على الحافظ كصورة الإلقاء على الكاتب.

أما قوله: {بكرة وأصيلا} قال الضحاك ما يملى عليه بكرة يقرؤه عليكم عشية، وما يملى عليه عشية يقرؤه عليكم بكرة.

البحث الثاني: قال الحسن قوله: {فهى تملى عليه بكرة وأصيلا} كلام اللّه ذكره جوابا عن قولهم كأنه تعالى قال إن هذه الآيات تملى عليه بالوحي حالا بعد حال، فكيف ينسب إلى أنه أساطير الأولين،

وأما جمهور المفسرين فقد اتفقوا على أن ذلك من كلام القوم، وأرادوا به أن أهل الكتاب أملوا عليه في هذه الأوقات هذه الأشياء

ولا شك أن هذا القول أقرب لوجوه:

أحدها: شدة تعلق هذا الكلام بما قبله، فكأنهم قالوا اكتتب أساطير الأولين فهي تملى عليه

وثانيها: أن هذا هو المراد بقولهم: {وقال الذين كفروا إن...}

﴿ ٥