١٣

الصفة الثانية للسعير:قوله تعالى: {وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا} واعلم أن اللّه سبحانه لما وصف حال الكفار حينما يكونون بالبعد من جهنم وصف حالهم عند ما يلقون فيها، نعوذ باللّه منه بما لا شيء أبلغ منه،

وفيه مسائل:

المسألة الأولى: في {ضيقا} قراءتان التشديد والتخفيف وهو قراءة ابن كثير.

المسألة الثانية: نقل في تفسير الضيق أمور، قال قتادة: ذكر لنا عبداللّه بن عمر قال: "إن جهنم لتضيق على الكافر كضيق الزج على الرمح" وسئل النبي صلى اللّه عليه وسلم عن ذلك فقال: "والذي نفسي بيده إنهم يستكرهون في النار كما يستكره الوتد في الحائط" قال الكلبي: الأسفلون يرفعهم اللّهيب، والأعلون يخفضهم الداخلون فيزدحمون في تلك الأبواب الضيقة، قال صاحب "الكشاف": الكرب مع الضيق، كما أن الروح مع السعة، ولذلك وصف اللّه الجنة بأن عرضها السموات والأرض، وجاء في الأحاديث "إن لكل مؤمن من القصور والجنان كذا وكذا" ولقد جمع اللّه على أهل النار أنواع (البلاء حيث ضم إلى العذاب الشديد الضيق).

المسألة الثالثة: قالوا في تفسير قوله تعالى: {مقرنين فى الاصفاد} إن أهل النار مع ما هم فيه من العذاب الشديد والضيق الشديد يكونون مقرنين في السلاسل قرنت أيديهم إلى أعناقهم وقيل يقرن مع كل كافر شيطانه في سلسلة، وفي أرجلهم الأصفاد، ثم إنه سبحانه حكى عن أهل النار أنهم حين ما يشاهدون هذا النوع من العقاب الشديد دعوا ثبورا، والثبور الهلاك، ودعاؤهم أن يقولوا واثبوراه، أي يقولوا يا ثبور هذا حينك وزمانك،

وروى أنس مرفوعا: "أول من يكسى حلة من النار إبليس فيضعها على جانبيه ويسحبها من خلفه ذريته وهو يقول يا ثبوراه وينادون يا ثبورهم حتى يردوا النار".

﴿ ١٣