٣٠

{وقال الرسول يارب إن قومى اتخذوا هذا القرءان مهجورا}.

اعلم أن الكفار لما أكثروا من الاعتراضات الفاسدة ووجوه التعنت ضاق صدر الرسول صلى اللّه عليه وسلم وشكاهم إلى اللّه تعالى وقال: {الرسول يارب إن قومى اتخذوا} وفيه مسائل:

المسألة الأولى: أكثر المفسرين أنه قول واقع من الرسول صلى اللّه عليه وسلم وقال أبو مسلم بل المراد أن الرسول عليه السلام يقوله في الآخرة وهو كقوله: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} (النساء: ٤١) والأول أولى لأنه موافق للفظ ولأن ما ذكره اللّه تعالى من قوله: {وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا من المجرمين} (الفرقان: ٣١) تسلية للرسول صلى اللّه عليه وسلم ولا يليق إلا إذا كان وقع ذلك القول منه.

المسألة الثانية: ذكروا في المهجور قولين:

الأول: أنه من الهجران أي تركوا الإيمان به ولم يقبلوه وأعرضوا عن استماعه

الثاني: أنه من أهجر أي مهجورا فيه ثم حذف الجار ويؤكده قوله تعالى: {مستكبرين به سامرا تهجرون} (المؤمنون: ٦٧) ثم هجرهم فيه أنهم كانوا يقولون إنه سحر وشعر وكذب وهجر أي هذيان، وروى أنس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: "من تعلم القرآن (وعلمه) وعلق مصحفا لم يتعهده ولم ينطر فيه جاء يوم القيامة متعلقا به يقول يا رب العالمين عبدك هذا اتخذني مهجورا، اقض بيني وبينه"

﴿ ٣٠