٣٥{ولقد ءاتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا}. اعلم أنه تعالى لما قال: {وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا} (الفرقان: ٣١) أتبعه بذكر جماعة من الأنبياء وعرفه بما نزل بمن كذب من أممهم فقال: {ولقد ءاتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا} والمعنى: لست يا محمد بأول من أرسلناه فكذب، وآتيناه الآيات فرد، فقد آتينا موسى التوراة وقوينا عضده بأخيه هرون ومع ذلك فقد رد، وفيه مسائل: المسألة الأولى: كونه وزيرا لا يمنع من كونه شريكا له في النبوة، فلا وجه لقول من قال في قوله: {فقلنا اذهبا} إنه خطاب لموسى عليه السلام وحده بل يجري مجرى قوله: {اذهبا إلى فرعون إنه طغى} (طه: ٤٣) فإن قيل إن كونه وزيرا كالمنافي لكونه شريكا بل يجب أن يقال إنه لما صار شريكا خرج عن كونه وزيرا، قلنا لا منافاة بين الصفتين لأنه لا يمتنع أن يشركه في النبوة ويكون وزيرا وظهيرا ومعينا له. المسألة الثانية: قال الزجاج الوزير في اللغة الذي يرجع إليه ويتحصن برأيه والوزر ما يعتصم به ومنه {كلا لا وزر} (القيامة: ١١) أي لا منجى ولا ملجأ، قال القاضي: ولذلك لا يوصف تعالى بأن له وزيرا ولا يقال فيه أيضا بأنه وزير لأن الالتجاء إليه في المشاورة والرأي على هذا الحد لا يصح. |
﴿ ٣٥ ﴾