٦

{وإنك لتلقى القرءان من لدن حكيم عليم}.

أما قوله: {وإنك لتلقى القرءان من لدن حكيم عليم} فمعناه لتؤتاه (وتلقاه) من عند أي حكيم وأي عليم، وهذا معنى مجيئهما نكرتين وهذه الآية بساط وتمهيد لما يريد أن يسوق بعدها من الأقاصيص، و(إذ) منصوب بمضمر وهو اذكر كأنه قال على أثر ذلك خذ من آثار حكمته وعلمه قصة موسى، ويجوز أن ينتصب بعليم

فإن قيل الحكمة

أما أن تكون نفس العلم، والعلم

أما أن يكون داخلا فيها، فلما ذكر الحكمة فلم ذكر العلم؟

جوابه: الحكمة هي العلم بالأمور العملية فقط والعلم أعم منه، لأن العلم قد يكون عمليا وقد يكون نظريا والعلوم النظرية أشرف من العلوم العملية، فذكر الحكمة المشتملة على العلوم العملية، ثم ذكر العليم وهو البالغ في كمال العلم وكمال العلم يحصل من جهات ثلاثة وحدته وعموم تعلقه بكل المعلومات وبقاؤه مصونا عن كل التغيرات، وما حصلت هذه الكمالات الثلاثة إلا في علمه سبحانه وتعالى.

واعلم أن اللّه تعالى ذكر في هذه السورة أنواعا من القصص.

القصة الأولى ـ قصة موسى عليه الصلاة والسلام

﴿ ٦