٧

أما قوله: {إذ قال موسى لاهله} فيدل على أنه لم يكن مع موسى عليه السلام غير امرأته ابنة شعيب عليه السلام، وقد كنى اللّه تعالى عنها بإلهل فتبع ذلك ورود الخطاب على لفظ الجمع وهو قوله {امكثوا} (القصص: ٢٩).

أما قوله: {إنى آنست نارا} فالمعنى أنهما كانا يسيران ليلا، وقد اشتبه الطريق عليهما والوقت وقت برد وفي مثل هذا الحال تقوى النفس بمشاهدة نار من بعد لما يرجى فيها من زوال الحيرة في أمر الطريق، ومن الانتفاع بالنار للاصطلاء فلذلك بشرها فقال: {إنى آنست نارا} وقد اختلفوا فقال بعضهم المراد أبصرت ورأيت، وقال آخرون بل المراد صادفت ووجدت فآنست به،

والأول أقرب، لأنهم لا يفرقون بين قول القائل آنست ببصري ورأيت ببصري.

أما قوله: {إذ قال موسى} فالخبر ما يخبر به عن حال الطريق لأنه كان قد ضل، ثم في الكلام حذف وهو أنه لما أبصر النار توجه إليها وقال: {إذ قال موسى} يعرف به الطريق.

أما قوله: {إذ قال موسى لاهله} فالشهاب الشعلة والقبس النار المقبوسة.

وأضاف الشهاب إلى القبس لأنه يكون قبسا وغير قبس ومن قرأ بالتنوين جعل القبس بدلا أو صفة لما فيه من معنى القبس ثم ههنا أسئلة:

السؤال الأول: {إذ قال موسى} و {فلما قضى موسى الاجل}(القصص: ٢٩) كالمتدافعين لأن أحدهما ترج والآخر تيقن؟

نقول جوابه: قد يقول الراجي إذا قوي رجاؤه سأفعل كذا وسيكون كذا مع تجويزه الخيبة.

السؤال الثاني: كيف جاء بسين التسويف؟

جوابه: عدة منه لأهله أنه يأتيهم به وإن أبطأ أو كانت المسافة بعيدة.

السؤال الثالث: لماذا أدخل (أو) بين الأمرين وهلا جمع بينهما لحاجته إليهما معا؟

جوابه: بنى الرجاء على أنه إن لم يظفر بهذين المقصودين ظفر بأحدهما،

أما هداية الطريق،

وأما اقتباس النار ثقة بعادة اللّه تعالى لأنه لا يكاد يجمع بين حرمانين على عبده.

وأما قوله تعالى: {لعلكم تصطلون} فالمعنى لكي تصطلون وذلك يدل على حاجة بهم إلى الاصطلاء وحينئذ لا يكون ذلك إلا في حال برد.

﴿ ٧