٤٦أما قوله: {قال ياقوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة} ففيه بحثان: الأول: في تفسير استعجال السيئة قبل الحسنة وجهان: أحدهما: أن الذين كذبوا صالحا عليه السلام لما لم ينفهم الحجاج توعدهم صالح عليه السلام بالعذاب فقالوا: {ائتنا بعذاب اللّه إن كنت من الصادقين} (العنكبوت: ٢٩) على وجه الاستهزاء، فعنده قال صالح: {لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة} والمراد أن اللّه تعالى قد مكنكم من التوصل إلى رحمة اللّه تعالى وثوابه، فلماذا تعدلون عنه إلى استعجال عذابه وثانيهما: أنهم كانوا يقولون لجهلهم إن العقوبة التي يعدها صالح إن وقعت على زعمه أتينا حينئذ واستغفرنا فحينئذ يقبل اللّه توبتنا ويدفع العذاب عنا، فخاطبهم صالح على حسب اعتقادهم، وقال هلا تستغفرون اللّه قبل نزول العذاب فإن استعجال الخير أولى من استعجال الشر. البحث الثاني: أن المراد بالسيئة العقاب وبالحسنة الثواب، فأما وصف العذاب بأنه سيئة فهو مجاز وسبب هذا التجويز، أما لأن العقاب من لوازمه أو لأنه يشبهه في كونه مكروها، وأما وصف الرحمة بأنها حسنة فمنهم من قال إنه حقيقة ومنهم من قال إنه مجاز |
﴿ ٤٦ ﴾