٧٢وَيَقُولُونَ... الوجه الثاني: للكفار قولهم: {متى هذا الوعد} وقوله: {إن كنتم صادقين} دل على أنهم ذكروا ذلك على سبيل السخرية فأجاب اللّه تعالى بقوله: {عسى أن يكون ردف لكم بعض الذى تستعجلون} وهو عذاب يوم بدر، فزيدت اللام للتأكيد كالباء في {ولا تلقوا بأيديكم} (البقرة: ١٩٥) أو ضمن معنى فعل يتعدى باللام نحو دنا لكم وأزف لكم ومعناه تبعكم ولحقكم، وقرأ: الأعرج {ردف لكم} بوزن ذهب وهما لغتان، والكسر أفصح، وههنا بحثان: البحث الأول: أن عسى ولعل في وعد الملوك ووعيدهم يدلان على صدق الأمر، وإنما يعنون بذلك إظهار وقارهم، وأنهم لا يعجلون بالانتقام لوثوقهم بأن عدوهم لا يفوتهم، فعلى ذلك جرى وعد اللّه ووعيده. الثاني: أنه قد ثبت بالدلائل العقلية أن عذاب الحجاب أشد من عذاب النار، ولذلك قال: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون * ثم إنهم * لصالوا الجحيم} (المطففين: ١٥، ١٦) فقدم الحجاب على الجحيم، ثم إنهم كانوا محجوبين في الحال، فكان سبب العذاب بكماله حاصلا، إلا أن الاشتغال بالدنيا ولذاتها كالعائق عن إدراك ذلك الألم، كما أن العضو الخدر إذا مسته النار، فإن سبب الألم حاصل في الحال، لكنه لا يحصل الشعور بذلك الألم لقيام العائق، فإذا زال العائق عظم البلاء، فكذا ههنا إذا زال البدن عظم عذاب الحجاب، فقوله سبحانه: {عسى أن يكون ردف لكم بعض الذى تستعجلون} يعني المقتضي له والمؤثر فيه حاصل، وتمامه إنما يحصل بعد الموت، |
﴿ ٧٢ ﴾