١٧{يابنى أقم الصلواة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر ...}. لما منعه من الشرك وخوفه بعلم اللّه وقدرته أمره بما يلزمه من التوحيد وهو الصلاة وهي العبادة لوجه اللّه مخلصا، وبهذا يعلم أن الصلاة كانت في سائر الملل غير أن هيئتها اختلفت. ثم قال تعالى: {وأمر بالمعروف وانه عن المنكر} أي إذا كملت أنت في نفسك بعبادة اللّه فكمل غيرك، فإن شغل الأنبياء وورثتهم من العلماء هو أن يكملوا في أنفسهم ويكملوا غيرهم، فإن قال قائل كيف قدم في وصيته لابنه الأمر بالمعروف على النهي عن المنكر، وقبل قدم النهي عن المنكر على الأمر بالمعروف فإنه أول ما قال {يعظه يابنى لا تشرك} ثم قال: {لسنتنا تحويلا أقم الصلواة} فنقول هو كان يعمل من ابنه أنه معترف بوجود اللّه فما أمره بهذا المعروف ونهاه عن المنكر الذي يترتب على هذا المعروف، فإن المشرك باللّه لا يكون نافيا للّه في الاعتقاد وإن كان يلزمه نفيه بالدليل فكان كل معروف في مقابلته منكر والمعروف في معرفة اللّه اعتقاد وجوده والمنكر اعتقاد وجود غيره معه، فلم يأمره بذلك المعروف لحصوله ونهاه عن المنكر لأنه ورد في التفسير أن ابنه كان مشركا فوعظه ولم يزل يعظه حتى أسلم، وأما ههنا فأمر أمرا مطلقا والمعروف مقدم على المنكر ثم قال تعالى: {واصبر على ما أصابك} يعني أن من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يؤذي فأمره بالصبر عليه، وقوله: {إن ذلك من عزم الامور} أي من الأمور الواجبة المعزومة أي المقطوعة ويكون المصدر بمعنى المفعول، كما تقول أكلي في النهار رغيف خبز أي مأكولي. |
﴿ ١٧ ﴾