٢٥

{ولئن سألتهم من خلق السماوات والارض ليقولن اللّه قل الحمد للّه بل أكثرهم لا يعلمون}.

الآية متعلقة بما قبلها من وجهين

أحدهما: أنه تعالى لما استدل بخلق السموات بغير عمد وبنعمه الظاهرة والباطنة بين أنهم معترفون بذلك غير منكرين له وهذا يقتضي أن يكون الحمد كله للّه، لأن خالق السموات والأرض يحتاج إليه كل ما في السموات والأرض، وكون الحمد كله للّه يقتضي أن لا يعبد غيره، لكنهم لا يعلمون هذا

والثاني: أن اللّه تعالى لما سلى قلب النبي صلى اللّه عليه وسلم بقوله: {فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم} أي لا تحزن على تكذيبهم فإن صدقك وكذبهم يتبين عن قريب عند رجوعهم إلينا، قال وليس لا يتبين إلا ذلك اليوم بل هو يتبين قبل يوم القيامة لأنهم معترفون بأن خلق السموات والأرض من اللّه، وهذا يصدقك في دعوى الوحدانية ويبين كذبهم في الإشراك {فقل الحمد للّه} على ظهور صدقك وكذب مكذبيك {بل أكثرهم لا يعلمون} أي ليس لهم علم يمنعهم من تكذيبك مع اعترافهم بما يوجب تصديقك وعلى هذا يكون لا يعلمون استعمالا للفعل مع القطع عن المفعول بالكلية كما يقول القائل فلأن يعطي ويمنع ولا يكون في ضميره من يعطي بل يريد أن له عطاء ومنعا فكذلك ههنا قال لا يعلمون أي ليس لهم علم وعلى الأول يكون لا يعلمون له مفعول مفهوم وهو أنهم لا يعلمون أن الحمد كله للّه،

والثاني أبلغ لأن قول القائل: فلان لا علم له بكذا، دون قوله فلان لا علم له، وكذا قوله فلان: لا ينفع زيدا ولا يضره، دون قوله: فلان لا يضر ولا ينفع.

﴿ ٢٥