١٤

المسألة الأولى: قوله: {فذوقوا بما نسيتم لقاء} لقاء يحتمل أن يكون منصوبا بذوقوا، أي ذوقوا لقاء يومكم بما نسيتم، وعلى هذا يحتمل أن يكون المنسي هو الميثاق الذي أخذ منهم بقوله: {ألست بربكم قالوا بلى} (الأعراف: ١٧٢) أو بما في الفطرة من الوحدانية فينسى بالإقبال على الدنيا والاشتغال بها ويحتمل أن يكون منصوبا بقوله: {نسيتم} أي بما نسيتم لقاء هذا اليوم ذوقوا، وعلى هذا لو قال قائل النسيان لا يكون إلا في المعلوم أولا إذا جهل آخرا نقول لما ظهرت براهينه فكأنه ظهر وعلم، ولما تركوه بعد الظهور ذكر بلفظ النسيان إشارة إلى كونهم منكرين لأمر ظاهر كمن ينكر أمرا كان قد علمه.

المسألة الثانية: قوله تعالى هذا يحتمل ثلاثة أوجه

أحدها: أن يكون إشارة إلى اليوم، أي فذوقوا بما نسيتم لقاء هذا اليوم

وثانيها: أن يكون إشارة إلى لقاء اليوم، أي فذوقوا بما نسيتم هذا اللقاء

وثالثها: أن يكون إشارة إلى العذاب، أي فذوقوا هذا العذاب بما نسيتم لقاء يومكم، ثم قال إنا نسيناكم، أي تركناكم بالكلية غير ملتفت إليكم كما يفعله الناسي قطعا لرجائكم، ثم ذكر ما يلزم من تركه إياهم كما يترك الناسي وهو خلود العذاب، لأن من لا يخلصه اللّه فلا خلاص له، فقال: {وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون}.

﴿ ١٤