٢٠

ثم قال تعالى: {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين} أي ظنه أنه يغويهم كما قال: {فبعزتك لاغوينهم} (ص: ٨٢)

وقوله: {فاتبعوه} بيان لذلك أي أغواهم، فاتبعوه {إلا فريقا من المؤمنين} قال تعالى في حقهم: {إن عبادى ليس لك عليهم سلطان} (الحجر: ٤٢) ويمكن أن يقال: صدق عليهم ظنه في أنه خير منه كما قال تعالى عنه: {أنا خير منه}( ) ويتحقق ذلك في قوله فاتبعوه، لأن المتبوع خير من التابع وإلا لا يتبعه العاقل والذي يدل على أن إبليس خير من الكافر، هو إن إبليس امتنع من عبادة غير اللّه لكن لما كان في امتناعه ترك عبادة اللّه عنادا كفر، والمشرك يعبد غير اللّه فو كفر بأمر أقرب إلى التوحيد، وهم كفروا بأمر هو الإشراك، ويؤيد هذا الذي اخترناه الاستثناء، وبيانه هو أنه وإن لم يظن أنه يغوي الكل، بدليل أنه تعالى قال عنه: {إلا عبادك منهم المخلصين} (ص : ٧٦) فما ظن أنه يغوي المؤمنين فما ظنه صدقه ولا حاجة إلى الاستثناء،

وأما في قوله: {أنا خير منه} اعتقد الخيرية بالنسبة إلى جميع الناس بدليل تعليله بقوله: {خلقتني من نار وخلقته من طين} (الأعراف: ١٢) وقد كذب في ظنه في حق المؤمنين، ويمكن الجواب عن هذا في الوجه الأول، وهو أنه وإن لم يظن إغواء الكل وعلم أن البعض ناج، لكن ظن في كل واحد أنه ليس هو ذلك الناجي، إلى أن تبين له فظن أنه يغويه فكذب في ظنه في حق البعض وصدق في البعض.

﴿ ٢٠