٢٢

{قل ادعوا الذين زعمتم من دون اللّه لا يملكون مثقال ذرة فى السماوات ...}.

لما بين اللّه تعالى حال الشاكرين وحال الكافرين وذكرهم بمن مضى عاد إلى خطابهم وقال لرسوله صلى اللّه عليه وسلم قل للمشركين ادعوا الذين زعمتم من دون اللّه ليكشفوا عنكم الضر على سبيل التهكم ثم بين أنهم لا يملكون شيئا بقوله: {لا يملكون مثقال ذرة فى * السماوات * ولا فى الارض}.

واعلم أن المذاهب المفضية إلى الشرك أربعة

أحدها: قول من يقول اللّه تعالى خلق السماء والسماويات وجعل الأرض والأرضيات في حكمهم، ونحن من جملة الأرضيات فنعبد الكواكب والملائكة التي في السماء فهم آلهتنا واللّه إلههم، فقال اللّه تعالى في إبطال قولهم: إنهم لا يملكون في السموات شيئا كما اعترفتم، قال ولا في الأرض على خلاف ما زعمتم

وثانيها: قول من يقول السموات من اللّه على سبيل الاستبداد والأرضيات منه ولكن بواسطة الكواكب فإن اللّه خلق العناصر والتركيبات التي فيها بالاتصالات والحركات والطوالع فجعلوا لغير اللّه معه شركا في الأرض والأولون جعلوا الأرض لغيره والسماء له، فقال في إبطال قولهم: {وما لهم فيهما من شرك} أي الأرض كالسماء للّه لا لغيره، ولا لغيره فيها نصيب

وثالثها: قول من قال: التركيبات والحوادث كلها من اللّه تعالى لكن فوض ذلك إلى الكواكب، وفعل المأذون ينسب إلى الآذن ويسلب عن المأذون فيه، مثاله إذا ملك لمملوكه اضرب فلانا فضربه يقال في العرف الملك ضربه ويصح عرفا قول القائل ما ضرب فلان فلانا، وإنما الملك أمر بضرب فضرب، فهؤلاء جعلوا السماويات معينات للّه فقال تعالى في إبطال قولهم: {وما له منهم من ظهير} ما فوض إلى شيء شيئا، بل هو على كل شيء حفيظ ورقيب

﴿ ٢٢