٥

{أجعل الالهة إلها واحدا * وأن هذا *لشىء عجاب} أي بليغ في التعجب وأقول منشأة التعجب من وجهين

الأول: هو أن القوم ما كانوا من أصحاب النظر والاستدلال بل كانت أوهامهم تابعة للمحسوسات فلما وجدوا في الشاهد أن الفاعل الواحد لا تفي قدرته وعلمه بحفظ الخلق العظيم قاسوا الغائب على الشاهد، فقالوا: لا بد في حفظ هذا العالم الكثير من آلهة كثيرة يتكفل كل واحد منهم بحفظ نوع آخر

الوجه الثاني: أن أسلافهم لكثرتهم وقوة عقولهم كانوا جاهلين مبطلين، وذها الإنسان الواحد يكون محقا صادقا،

وأقول لعمري لو سلمنا إجراء حكم الشاهد على الغائب من غير ديل وحجة، لكانت الشبهة الألى لازمة، بطل أصل كلام المشهبة في الذابت وكلام المشبهة في الأفعال،

أما المشبهةفي الذات فهو أنهم يقولون لما كان كل موجود في الشاهد يجب أن يكون جسما ومختصا بحيز وجب ف يالغائب أن يكون كذلك،

أما المشبهة في الأفعال فهم المعتزلة الذين يقولون أن الأمر الفلاني فبيح منا، فوجب أن يكون قبيحا من اللّه، فثبت بما ذكرنا أنه إن صح كلام هؤلاء المشبهة في الذات وفي الأفعال لزم القطع بصحة شبهة هؤلاء المشركين، وحيث توافقنا على فسادها على فسادها علمنا أن عمدة المجسمة وكلام المعتزلة باطل فاسد.

وأما الشبهة الثانية فلعمري لو كان التقيد حقا لكانت هذه الشهبة لازمة وحيث كانت فاسدة علمنا أن التقليد باطل بقي ههنا أبحاث:

البحث الأولى: أن العجاب هو العجيب إلا أنه أبلغ من العجيب كقولهم طويل وطوال وعريض وعراض وكبير وكبار وقد يشدد للمبالغة كقوله تعالى: {ومكروا مكرا} (نوح: ٢٢).

الثاني: قال صاحب "الكشاف" قرىء عجاب بالتخفيف والتشديد فقال والتشديد أبلغ من التخفيف كقوله تعالى: {ومكروا مكرا كبارا}.

﴿ ٥