٦

ثم قال تعالى: {وانطلق الملا منهم أن امشوا واصبروا على ءالهتكم} قد ذكرنا أن لملأ عبارة عن القوم الذين إذا حضروا في المجلس فإنه تمتلىء القلوب والعيون من مهابتهم وعظمتهم، قوله: {منهم} أي من قريش انطلقوا عن مجلس أبي طالب بن، بعد ما بكتهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالجواب العتيد قائلين بعضهم البعض {وانطلق الملا منهم أن امشوا}

وفيه مباحث:

البحث الأول: القراءة المشهورة (أن امشوا) وقرأ: ابن أبي عبلة امشوا بحذف أن، قال صاحب: "الكشاف" (أن) بمعنى أي لأن المنطلقين عن مجلس التقاول لا بد لهم من أن يتكلموا ويتفاوضوا فيما يجري في المجلس المتقدم، فكان انطلاقهم مضمنا معنى القول، وعن ابن عباس: وانطبق الملأ منهم يمشون.

البحث الثاني: معنى أن امشوا أنه قال بعضهم امشوا واصبروا، فلا حيلة لكم في دفع أمر محمد، إن هذا لشيء يراد، وفيه ثلاثة أوجه

أحدهما: ظهور دين محمد صلى اللّه عليه وسلم ليس له سبب ظاهر يثبت أن تزايد ظهوره، ليس إلا لأن اللّه يريده، وما أراد اللّه كونه فلا دافع له

وثانيها: أن الأمر كشيء من نوائب الدهر فلا انفكاك لنا منه

وثالثها: أن دينكم لشيء يراد أي يطلب ليؤخذ منكم، قال الفقال هذه كلمة تذكر للتهديد والتخويف وكأن معناها أنه ليس غرض محمد من هذا القول تقرير الدين، وإنما عرضه أن يستولى علينا فيحكم في أموالنا وأولادنا بما يريد.

﴿ ٦