١٣

{هو الذى يريكم ءاياته وينزل لكم من السمآء رزقا وما يتذكر إلا من ينيب}

اعلم أنه تعالى لما ذكر ما يوجب التهديد الشديد في حق المشركين أردفه بذكر ما يدل على كمال قدرته وحكمته، ليصير ذلك دليلا على أنه يجوز جعل هذه الأحجار المنحوتة والخشب المصورة شركاء للّه تعالى في المعبودية، فقال: {هو الذى يريكم ءاياته} واعلم أن أهم المهمات رعاية مصالح الأديان، ومصالح الأبدان، فهو سبحانه وتعالى راعى مصالح أديان العباد بإظهار البينات والآيات، وراعى مصالح أبدانهم بإنزال الرزق من السماء، فموقع الآيات من الأديان كموقع الأرزاق من الأبدان، فالآيات لحياة الأديان، والأرزاق لحياة الأبدان، وعند حصولهما يحصل الإنعام على أقوى الاعتبارات وأكمل الجهات.

ثم قال: {وما يتذكر إلا من ينيب} والمعنى أن الوقوف على دلائل توحيد اللّه تعالى كالأمر المركوز في العقل، إلا أن القول بالشرك والاشتغال بعبادة غير اللّه يصير كالمانع من تجلي تلك الأنوار، فإذا أعرض العبد عنها وأناب إلى اللّه تعالى زال الغطاء والوطاء فظهر الفوز التام، ولما قرر هذا المعنى صرح بالمطلوب وهو الإعراض عن غير اللّه والإقبال بالكلية على اللّه تعالى فقال:

﴿ ١٣