٤٣{ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم}. واعلم أنه تعالى لما هدد الملحدين في آيات اللّه، ثم بين شرف آيات اللّه، وعلو درجة كتاب اللّه رجع إلى أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بأن يصبر على أذى قومه وأن لا يضيق قلبه بسبب ما حكاه عنهم في أول السورة منأنهم {قالوا * قلوبنا فى أكنة مما تدعونا إليه} إلى قوله {فاعمل إننا عاملون} (فصلت: ٥) فقال: {ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك} وفيه وجهان: الأول: وهو الأقرب أن المراد ما تقول لك كفار قومك إلا مثل ما قد قال للرسل كفار قومهم من الكلمات المؤذية والمطاعن في الكتب الممزلة {وإن ربك لذو مغفرة} للمحقين {وذو عقاب أليم} للمبطلين ففوض هذا الأمر إلى اللّه واشتغل بما أمرت به وهو التبليغ والدعوة إلى اللّه تعالى الثاني: أن يكون المراد ما قال اللّه لك إلا مثل ما قال لسائر الرسل وهو أنه تعالى أمرك وأمر كل الأنبياء بالصبر على سفاهة الأقوام فمن حقه أن يرجوه أهل طاعته ويخافه أهل معصيته، وقد ظهر من كلامنا في تفسير هذه السورة أن المقصود من هذه السورة، هو ذكر الأجوبة عن قولهم {وقالوا قلوبنا فى أكنة مما تدعونا إليه وفى ءاذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل * إنا عاملون} فتارة ينبه على فساد هذه الطريقة، وتارة يذكر الوعد والوعيد لمن لم يؤمن بهذا القرآن ولم يعرض عنه، وامتد الكلام إلى هذا الموضع من أول السورة على الترتيب الحسن والنظم الكامل، ثم إنه تعالى ذكر جوابا آخر عن قولهم {وقالوا قلوبنا فى أكنة مما تدعونا إليه وفى ءاذاننا وقر} |
﴿ ٤٣ ﴾