٤

الحمد للّه دي الآلاء والنعم والفضل والجود والإحسان والكرممنزه الفعل عن عيب وعن عبث مقدس الملك عن عزل وعن عدم والصفة الثالثة قوله {له ما في السماوات وما في الارض} وهذا يدل على مطلوبين في غاية الجلال

أحدهما: كونه موصوفا بقدرة كاملة نافذة في جميع أجزاء السموات والأرض على عظمتها وسعتها بالإيجاد والإعدام والتكوين والإبطال

والثاني: أنه لما بين بقوله {له ما في السماوات وما في الارض} أن كل ما في السموات وما في الأرض فهو ملكه وملكله، وجب أن يكون منزها عن كونه حاصلا في السموات وفي الأرض، وإلا لزم كونه ملكا لنفسه، وإذا ثبت أنه ليس في شيء من لمسوات امتنع كونه أيضا في العرش، لأن كل ما سماك فهو سماء فإذا كان العرش موجودا فوق السموات كان في الحقيقة سماء، فوجب أن يكون كل ما كان حاصلا في العرش ملكا للّه وملكا له، وفجب أن يكون منزها عن كونه حاصلا في العرش، وإن قالوا إنه تعالى قال: {له ما في السماوات} وكلمة ما لا تتناول من يعقل قلنا هذا مدفوع من وجهين

الأول: ىنلفظة ما واردة في حق اللّه تعالى قال تعالى: {والسماء وما بناها * والارض وما طحاها} (الشمس: ٥،٦)

وقال: {لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد}، (الكافرون: ٢،٣)

والثاني: أن صيغة من وردت في مثل هذه السورة

قال تعالى: {إن كل من فى * السماوات والارض *إلا اتى الرحمان عبدا} (مريم: ٩٣)

وكلمة من لا شك أنها واردة في حق اللّه تعالى فدلت هذه الآية على أن كل من في المسوات والأرض فهو عبد اللّه فلو كان اللّه موجودا في السمواتوالأرض وفي العرش لكان هو من جملة من في المسوات فوجب أن يكون عبد اللّه، ولما ثبت بهذه الآية أن كل من كان موجودا في السموات والعرش فهو عبد للّه وجب فيمن تقدست كبرياؤه عن تهمة العبودية أن يكون منزها عن الكون في المكان والجهة والعرش والكرسي.

والصفة الرابعة والخامسة قوله تعالى: {وهو العلى العظيم} ولا يجوز أن يكون المراد بكونه عليا العلو في الجهة والمكان لما ثبتت الدلالة على فساده، ولا يجوز أن يكون المراد من العظيم العظمة بالجثة وكبر الجسم، لأن ذلك يقتضي كونه مؤلفا من الأجزاء والأبعاض، وذلك ضد قوله {اللّه أحد} (الإخلاص: ١) فوجب أن يكون المراد من العلي المتعالي عن مشابهة الممكنات ومناسبة المحدثات، ومن العظيم العظمة بالقدرة والقهر بالاستعلاء وكمال الإلهية.

﴿ ٤