١٠

ثم قال: {وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى اللّه}

وفيه مسائل:

المسألة الأولى: وجه النظم أنه تعالى كما منع الرسول صلى اللّه عليه وسلم أن يحمل الكفار على الإيمان قهرا، فكذلك منع المؤمنين أن يشرعوا معهم في الخصومات والمنازعات فقال: {وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى اللّه} وهو إثابة المحقين فيه ومعاقبة المبطلين،

وقيل وما اختلفتم فيه من شيء وتنازعتم فتحاكموا فيه إلى الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، ولا تؤثر حكومة غيره على حكومته،

وقيل وما وقع بينكم فيه خلاف من الأمور التي لا تصل بتكليفكم، ولا طريق لكم إلى عمله كحقيقة الروح، فقولوا اللّه أعلم به، قال تعالى: {ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربى} (الإسراء: ٨٥).

المسألة الثانية: تقدير الآية كأنه قال: قل يا محمد {وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى اللّه} والدليل عليه قوله تعالى: {ذلكم اللّه ربى عليه توكلت وإليه أنيب}.

المسألة الثالثة: احتج نفاة القياس بهذه الآية فقالوا قوله تعالى: {وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى اللّه}

أما أن يكون المراد فحكمه مستفاد من نص اللّه عليه، أو المراد فحكمه مستفاد من القياس على ما نص اللّه عليه، والثاني باطل لأنه يقتضي كون كل الأحكام مثبتة بالقياس بأنه باطل فيعتبر الأول، فوجب كون كل الأحكام مثبتة بالنص وذلك ينفي العمل القياس، ولقائل أن يقوم لم لا يجوز أن يكون المراد فحكمه يعرف من بيان اللّه تعالى، سواء كان ذلك البيان بالنص أو بالقياس؟ أجيب عنه بأن المقصود من التحاكم إلى اللّه قطع الاختلافوالرجوع إلى القياس يقوي حكم الاختلاف ولا يوضحه، فوجب أن يكون الواجب هو الرجوع إلى نصوص اللّه تعالى.

ثم قال تعالى: {ذلكم اللّه ربى} أي ذالكم الحاكم بينكم هو ربي {عليه توكلت} في دفع كيد الأعداء وفي طلب كل خير {وإليه أنيب} أي وإليه أرجع في كل المهمات، وقوله {عليه توكلت} يفيد الحصر، أي لا أتوكل إلا عليه، وهو إشارة إلى تزييف طريقة من اتخذ غير اللّه وليا.

﴿ ١٠