٥ثم قال تعالى: {أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين} وفيه مسائل: المسألة الأولى: قرأ نافع وحمزة والكسائي {إن كنتم} بكسر الألف تقديره: ءن كنتم مسرفين لا نضرب عنكم الذكر صفحا، وقيل (إن) بمعنى إذ كقوله تعالى: {وذروا ما بقى من الربواا إن كنتم مؤمنين} (البقرة: ٢٧٨) وبالجملة فالجزاء مقدم على الشرط، وقرأ: الباقون بفتح الألف على التعليل أي لأن كنتم مسرفين. المسألة الثانية: قال الفراء والزجاج يقول ضربت عنه وأضربت عنه أي تركته وأمسكت عنه وقوله {صفحا} أي إعراضا والأصل فيه أنك توليت بصفحة عنقك وعلى هذا فقوله {أفنضرب عنكم الذكر صفحا} تقديره: أفنضرب عنكم إضرابنا أو تقديره أفنصفح عنكم صفحا، واختلفوا في معنى الذكر فقيل معناه أفنرد عنكم ذكر عذاب اللّه، وقيل أفنرد عنكم النصائح والمواعظ، وقيل أفنرد عنكم القرآن، وهذا استفهام رفع حين رده أوائل هذه الأمة لهلكوا ولكن اللّه برحمته كرره عليهم ودعاهم إليه عشرين سنة إذا عرفت هذا فنقول هذا الكلام يحتمل وجهين: الأول: الرحمة يعني أن لا نترككم مع سوء اختياركم بل نذكركم ونعظكم إلى أن ترجعوا إلى الطريق الحق الثاني: المبالغة في التغليظ يعني أتظنون أن تتركوا مع ماتريدون، كلا بل نلزمكم العمل وندعوكم إلى الدين ونؤاخذكم متى أخللتم بالواجب وأقدمتم على القبيح. المسألة الثالثة: قال صاحب "الكشاف": الفاء في قوله {أفنضرب} للعطف على محذوف تقديره أنهملكم فنضرب عنكم الذكر. |
﴿ ٥ ﴾