| ١٥{وجعلوا له من عباده جزءا إن الإنسان لكفور مبين}. اعلم أنه تعالى لما قال: {ولئن سألتهم من خلق * السماوات والارض * ليقولن خلقهن العزيز العليم} (الزخرف: ٩) بين أنهم مع إقرارهم بذلك، جعلوا له من عباده جزءا والمقصود منه التنبيه على قلة عقولهم وسخافة عقولهم. وفي الآية مسائل: المسألة الأولى: قرأ عاصم في رواية أبي بكر: {جزء} بضم الزاي والهمزة في كل القرآن وهما لغتان، وأما حمزة فإذا وقف عليه قال جزا بفتح الزاي بلا همزة. المسألة الثانية: في المراد من قوله {وجعلوا له من عباده جزءا} قولان: الأول: وهو المشهور أن المراد أنهم أثبتوا له ولدا، وتقرير الكلام أن ولد الرجل جزء منه، قال عليه السلام: "فاطمة بضعة مني" ولأن المعقول من الوابد أن ينفصل عنه جزء من أجزائه، ثم يتربى ذلك الجزء ويتولد منه شخص مثل ذلك اوصل، وإذا كان كذلك فولد الرجل جزء منه وبعض منه، فقوله {وجعلوا له من عباده جزءا} معنى جعلوا حكموا وأثبتوا وقالوا به، والمعنى أنهم أثبتوا له جزءا، وذلك الجزء هو عبد من عباده. واعلم أنه لو قال وجعلوا لعباده منه جزءا، أفاد ذلك أنهم أثبتوا أنه حصل جزء من أجزائه في بعضعباده وذلك هو الولد، فكذا قوله {وجعلوا له من عباده جزءا} معناه وأثبتوا له جزءا، وذلك الجزء هو عبد من عباده، والحاصل أنهم أثبتوا للّه ولدا، وذكروا في تقرير هذا القول وجوها أخر، فقالوا الجزء هو الأنثى في لغة العرب، واحتجوا في إثبات هذه اللغة ببيتين فالأول قوله: إن أجزأت حرة يوما فلا عجب قد تجزىء الحرة المذكاة أحيانا وقوله: زوجتها من بنات الأوس مجزئة للعوسج اللدن في أبياتها غزل وزعم الزجاج والأزهري وصاحب "الكشاف": أن هذه اللغة فاسدة، وأن هذه الأبيات مصنوعة والقول الثاني: في تفسير الآية أن المراد من قوله {وجعلوا له من عباده جزءا} إثبات الشركاء للّه، وذلك لأنهم لما أثبتوا الشركاء للّه تعالى فقد زعموا أن كل العباد ليس للّه، بل بعضها للّه، وبعضها لغير اللّه، فهم ما جعلوا للّه من عباده كلهم، بل جعلوا له منهم بعضا وجزءا منهم، قالوا والذي يدل على أن هذا القول أولى من الأول، أنا إذا حملنا هذه الآية على إنكار الشريك للّه، وحملنا الآية التي بعدها إلى إنكار الولد للّه، كانت الآية جامعة للرد على جميع المبطلين. | 
﴿ ١٥ ﴾