١٦

ثم قال تعالى: {أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين}.

واعلم أنه تعهالى رتب هذه المناظرة على أحسن الوجوه، وذلك لأنه تعالى بين أن إثبات الولد للّه محال، وبتقدير أن يثبت الولد فجعله بنتا أيضا محال،

أما بيان أن إثبات الولد للّه محال، فلأن الولد لا بد وأن يكون جزءا من الوالد، وما كان له جزء كان مركبا، وكل مركب ممكن، وأيضا ما كان كذلك فإنه يقبل الاتصال والانفصال والاجتماع والافتراق، وما كان كذلك فهو عبد محدث، فلا يكون إلها قديما أزليا.

وأما المقام الثاني: وهو أن بتقدير ثبوت الولد فإنه يمتنع كونه بنتا، وذلك أن الابن أفضل من البنت، فلو قلنا إنه اتخذ لنفسه البنات وأعطى البنين لعباده، لزم أن يكون حال العبد أكمل وأفضل من حال اللّه، وذلك مدفوع في بديهة العقل، يقال أصفيت فلانا بكذا،

أي آثرته به إيثارا حصل له على سبيل الصفاء من غير أن يكون له فيه مشارك، وهو كقوله {أفأصفاكم ربكم بالبنين} (الإسراء: ٤٠)

﴿ ١٦