١٨

والثاني: قوله {أو من * ينشأ فى الحلية وهو فى الخصام غير مبين}

وفيه مسائل:

المسألة الأولى: قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم ينشؤ بضم الياء وفتح النون وتشديد الشين على ما لم يسم فاعله، أي يربى، والباقون ينشأ، بضم الياء وسكون النون وفتح الشين، قال صاحب "الكشاف": وقرىء يناشأ، قال ونظير المناشأة بمعنى الإنشاء، المغالاة بمعنى الإغلاء.

المسألة الثانية: المراد من قوله {أو من * ينشأ فى الحلية} التنبيه على نقصانها، وهو أن الذي يربى في الحلية يكون ناقص الذات، لأنه لولا نقصان في ذاتها لما احتاجت إلى تزيين نفسها بالحلية، ثم بين نقصان حالها بطريق آخر، وهو قوله {وهو فى الخصام غير مبين} يعني أنها إذا احتاجت المخاصمة والمنازعة عجزت وكانت غير مبين، وذلك لضعف لسانها وقلة عقلها وبلادة طبعها، ويقال قلما تكلمت امرأة فأرادت أن تتكلم بحجتها إلا تكلمت بما كان حجة عليها، فهذه الوجوه دالة على كمال نقصها، فكيف يجوز إضافتهن بالولدية إليها.

المسألة الثالثة: دلت الآية على أن التحلي مباح للنساء، وأنه حرام للرجال، لأنه تعالى جعل ذلك من المعايب وموجبات النقصان، وإقدام الرجل عليه يكون إلقاء لنفسه في الذل وذلك حرام، لقوله عليه السلام: "ليس للمؤمن أن يذل نفسه" وإنما زينة الرجل الصبر على طاعة اللّه، والتزين بزينة التقوى، قال الشافعي:

( فتدرعت يوما للقنوع حصينة أصون بها عرضي أوجعلها ذخرا )

( فولم أحذر الدهر الخئون وإنما قصاراه أن يرمي بي الموت والفقرا )

( ففأعددت للموت الإله وعفوه وأعددت للفقر التجلد والصبرا )

﴿ ١٨