٤

أما قوله تعالى: {فيها يفرق} أي في تلك الليلة المباركة يفرق أي يفصل ويبين من قوله فرقت الشيء أفرقه فرقا وفرقانا، قال صاحب "الشكاف" وقرىء يفرق بالتشديد ويفرق على إسناد الفعل إلى الفاعل ونصل كل والفارق هو اللّه عز وجل، وقرأ: زيد بن علي نفرق بالنون.

أما قوله {كل أمر حكيم} فالحكيم معناه ذو الحكمة، وذلك لأن تخصيص اللّه تعالى كل أحد بحالة معينة من العمر والرزق والأجل والسعادة والشقاوة يدل على حكمة بالغة للّه تعالى، فما كانت تلك الأفعال والأقضية دالة على حكمة فاعلها وصفت بكونها حكيمة، وهذا من الإسناد بالمجازي، لأن الحكيم صفة صاحب الأمر على الحقيقة ووصف الأمر به مجاز،

ثم قال: {أمرا من عندنا} وفي انتصاب قوله {أمرا}

وجهان:

الأول: أنه نصب على الاختصاص، وذلك أنه تعالى بين شرف تلك الأقضية والأحكام بسبب أن وصفها بكونها حكيمة، ثم زاد في بين شرفها بأن قال أعني بهذا الأمر أمرا حاصلا من عندنا كائنا من لدنا، وكما اقتضه علمنا وتدبيرنا

والثاني: أنه نصب على الحال وفيه ثلاثة أوجه:

الأول: أن يكون حال من أحد الضميرين في {أنزلناه}،

أما من ضمير الفاعل أي: إنا أنزلناه آمرين أمرا أو من ضمير المفعول أي: إنا أنزلناه في حال كونه أمرا من عندنا بما يجب أن يفعل

والثالث: ما حكاه أبوعلي الفارسي عن أبي الحسن زحمهما اللّه أنه حمل قوله {أمرا} على الحال وذو الحال قوله {كل أمر حكيم} وهو نكرا.

﴿ ٤