١٧ثم قال تعالى: {وءاتيناهم بينات من الامر} وفيه وجوه الأول: أنه آتاهم بينات من الأمر، أي أدلة على أمور الدنيا الثاني: قال ابن عباس: يعني بين لهم من أمر النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه يهاجر من تهامة إلى يثرب، ويكون أنصاره أهل يثرب الثالث: المراد {وءاتيناهم بينات} أي معجزات قاهرة على صحة نبوتهم، والمراد معجزات موسى عليه السلام. ثم قال تعالى: {فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم} وهذا مفسر في سورة {حم * عسق} (الشورى: ١، ٢) والمقصود من ذكر هذا الكلام التعجب من هذه الحالة، لأن حصول العم يوجب ارتفاع الخلاف، وههنا صار مجيء العلم سببا لحصول الاختلاف، وذلك لأنهم لم يكن مقصودهم من العلم نفس العلم، وإنما المقصود منه طلب الرياسة والتقدم، ثم ههنا احتمالات يريد أنهم علموا ثم عاندوا، ويجوز أن يريد بالعلم الدلالة التي توصل إلى العلم، والمعنى أنه تعالى وضع الدلائل والبينات التي لو تأملوا فيها لعرفوا الحق، لكنهم على وجه الحسد والعناد اختلفوا وأظهروا النزاع. ثم قال تعالى: {إن ربك يَقْضِي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون} والمرد أنه لا ينبغي أن يغتر المبطل بنعم الدنيافإنها وإن ساوت نعم المحق أو زادت عليها، فإنه سيرى في الآخرة ما يسؤوه، وذلك كالزجر لهم، ولما بين تعالى أنهم أعرضوا عن الحق لأجل البغي والسحد، أمر رسوله صلى اللّه عليه وسلم بأن يعدل عن تلك الطريقة، وأن يتمسك بالحق، وأن لا يكون له غرض سوى إظهار الحق وتقرير الصدق، |
﴿ ١٧ ﴾