٢٢

{وخلق اللّه السماوات والارض بالحق ولتجزى ...}

اعلم إنه تعالى لما أفتى بأن المؤمن لا يساوي الكافر في درجات السعادات، أتبعه بالدلالة الظاهرة على صحة هذه الفتوى، فقال: {وخلق اللّه * السماوات والارض بالحق} ولو لم يوجد البحث لما كان ذلك بالحق بل كان بالباطل، لأنه تعالى لما خلق الظالم وسلطه على المظلوم الضعيف، ثم لا ينتقم للمظلوم من الظالم كان ظالما، ولو كان ظالما لبطل أنه خلق السموات والأرض بالحق وتمام تقرير هذه الدلائل مذكور في أول سورة يونس، قال القاضي هذه الآية تدل على أن في مقدور اللّه ما لو حصل لكان ظلما، وذلك لا يصح إلا على مذهب المجبرة الذين يقولون لو فعل كحل شيء أراده لم يكن ظلما، وعلى قول من يقول إنه لا يوصف بالقدرة على الظلم، وأجاب الأصحاب عنه بأن المراد فعل ما لو فعله غيره لكان ظلما كما أن المراد من الابتلاء والاختبار فعل ما لو فعله غيره لكان ابتلاء واختبارا، وقوله تعالى: {*ولتجزي}

فيه وجهان:

الأول: أنه معطوف على قوله {ءادم بالحق} فيكون التقدير وخلق اللّه السموات والأرض لأجل إظهار الحق ولتجزى كل نفس،

الثاني: أن يكون العطف على محذوف، والتقدير: وخلق اللّه السموات والأرض بالحق ليدل بهما على قدرته ولتجزى كل نفس والمعنى أن المقصود من خلق هذا العلم إظهار العدل والرحمة، وذلك لا يتم إلا إذا حصل البعث والقيامة وحصل التفاوت في الدرجات والدركات بين المحقين وبين المبطلين،

﴿ ٢٢