٣{أءذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد}. فإنهم لما أظهروا العجب من رسالته أظهروا استبعاد كلامه، وهذا كما قال تعالى عنهم {قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد ءاباؤكم} (سبأ: ٤٣)، {وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى} (سبأ: ٤٣) وفيه مسائل: المسألة الأولى: فقوله {أءذا متنا وكنا ترابا} إنكار منهم بقول أو بمفهوم دل عليه قوله تعالى: {جاءهم منذر} (ق: ٢) لأن الإنذار لما لم يكن إلا بالعذاب المقيم والعقاب الأليم، كان فيه الإشارة للحشر، فقالوا {أءذا متنا وكنا ترابا}. المسألة الثانية: ذلك إشارة إلى ما قاله وهو الإنذار، وقوله {هذا شىء عجيب} (ق: ٢) إشارة إلى المجيء على ما قلنا، فلما اختلفت الصفتان نقول المجيء والجائي كل واحد حاضر. وأما الإنذار وإن كان حاضرا لكن لكون المنذر به لما كان غير حاضر قالوا فيه ذلك، الرجع مصدر رجع يرجع إذا كان متعديا، والرجوع مصدره إذا كان لازما، وكذلك الرجعي مصدر عند لزومه، والرجع أيضا يصح مصدرا للازم، فيحتمل أن يكون المراد بقوله {ذلك رجع بعيد} أي رجوع بعيد، ويحتمل أن يكون المراد الرجع المتعدي، ويدل على الأول قوله تعالى: {إن إلى ربك الرجعى} (العلق: ٨) وعلى الثاني قوله تعالى: {أءنا لمردودون} (النازعات: ١٠) أي مرجعون فإنه من الرجع المتعدي، فإن قلنا هو من المتعدي، فقد أنكروا كونه مقدورا في نفسه. |
﴿ ٣ ﴾