١١

ثم وصفهم فقال: {الذين هم فى غمرة ساهون}. وفيه مسألتان إحداهما لفظية والأخرى معنوية.

أما اللفظية: فقوله: {ساهون} يحتمل أن يكون خبرا بعد خبر، والمبتدأ هو قوله: {هم} وتقديره هم كائنون في غمرة ساهون، كما يقال زيد جاهل جائز لا على قصد وصف الجاهل بالجائز، بل الإخبار بالوصفين عن زيد، ويحتمل أن يكون {ساهون} خبرا و {فى غمرة} ظرف له كما يقال: زيد في بيته قاعد يكون الخبر هو القاعد لا غير وفي بيته لبيان ظرف القعود كذلك {فى غمرة} لبيان ظرف السهو الذي يصحح وصف المعرفة بالجملة، ولولاها لما جاز وصف المعرفة بالجملة.

وأما المعنوية: فهي أن وصف الخراص بالسهو والانهماك في الباطل، يحقق ذلك كون الخراص صفة ذم، وذلك لأن ما لا سبيل إليه إلا الظن إذا خرص الخارص وأطلق عليه الخراص لا يكون ذلك مفيد نقص، كما يقال في خراص الفواكه والعساكر وغير ذلك،

وأما الخرص في محل المعرفة واليقين فهو ذم فقال: قتل الخراصون الذين هم جاهلون ساهلون لا الذين تعين طريقهم في التخمين والحزر وقوله تعالى: {ساهون} بعد قوله: {فى غمرة} يفيد أنهم وقعوا في جهل وباطل ونسوا أنفسهم يه فلم يرجعوا عنه.

﴿ ١١