٣٧

ثم قال تعالى: {وتركنا فيهآ ءاية للذين يخافون العذاب الاليم}.

وفي الآية خلاف.

قيل: هو ماء أسود منتن انشقت أرضهم وخرج منها ذلك،

وقيل: حجارة مرمية في ديارهم وهي بين الشام والحجاز، وقوله: {للذين يخافون العذاب الاليم} أي المنتفع بها هو الخائف، كما قال تعالى: {لقوم يعقلون} (العنكبوت: ٤٥) في سورة العنكبوت، وبينهما في اللفظ فرق قال ههنا: {ءاية} وقال هناك: {بينة لقوم} وقال هناك: {لقوم يعقلون} وقال ههنا: {للذين يخافون} فهل في المعنى فرق؟

نقول هناك مذكور بأبلغ وجه يدل عليه قوله تعالى: {بينة لقوم} حيث وصفها بالظهور، وكذلك منها وفيها فإن من للتبعيض، فكأنه تعالى قال: من نفسها لكم آية باقية، وكذلك قال: {لقوم يعقلون} فإن العاقل أعم من الخائف، فكانت الآية هناك أظهر، وسببه ما ذكرنا أن القصد هناك تخويف القوم، وههنا تسلية القلب ألا ترى إلى قوله تعالى: {فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين} (الذاريات: ٣٥، ٣٦)

وقال هناك: {إنا منجوك وأهلك} (العنكبوت: ٣٣) من غير بيان واف بنجاة المسلمين والمؤمنين بأسرهم.

﴿ ٣٧