٣٨

ثم قال تعالى: {وفى موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين}.

قوله: {وفى موسى} يحتمل أن يكون معطوفا على معلوم، ويحتمل أن يكون معطوفا على مذكور، أما الأول ففيه وجوه.

الأول: أن يكون المراد ذلك في إبراهيم وفي موسى، لأن من ذكر إبراهيم يعلم ذلك.

الثاني: لقوم في لوط وقومه عبرة، وفي موسى وفرعون.

الثالث: أن يكون هناك معنى قوله تعالى: تفكروا في إبراهيم ولوط وقومهما، وفي موسى وفرعون، والكل قريب بعضه من بعض،

وأما الثاني ففيه أيضا وجوه.

أحدها: أنه عطف على قوله: {وفى الارض ءايات للموقنين} (الذاريات: ٢٠)، {وفى موسى} وهو بعيد لبعده في الذكر، ولعدم المناسبة بينهما.

ثانيها: أنه عطف على قوله: {وتركنا فيها ءاية للذين يخافون} (الذاريات: ٣٧)،

{وفى موسى} أي وجعلنا في موسى على طريقة قولهم: علفتها تبنا وماء باردا، وتقلدت سيفا ورمحا، وهو أقرب، ولا يخلو عن تعسف إذا قلنا بما قال به بعض المفسرين إن الضمير في قوله تعالى: {وتركنا فيها} عائد إلى القرية.

ثالثها: أن نقول فيها راجع إلى الحكاية، فيكون التقدير: وتركنا في حكايتهم آية أو في قصتهم، فيكون: وفي قصة موسى آية، وهو قريب من الاحتمال الأول، وهو العطف على المعلوم.

رابعها: أن يكون عطفا على {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم} (الذاريات: ٢٤) وتقديره: وفي موسى حديث إذ أرسلناه، وهو مناسب إذ جمع اللّه كثيرا من ذكر إبراهيم وموسى عليهما السلام، كما قال تعالى: {أم لم ينبأ بما فى صحف موسى * وإبراهيم الذى وفى} (النجم: ٣٦)

وقال تعالى: {صحف إبراهيم وموسى} (الأعلى: ١٩) والسلطان القوة بالحجة والبرهان، والمبين الفارق، وقد ذكرنا أنه يحتمل أن يكون المراد منه ما كان معه من البراهين القاطعة التي حاج بها فرعون، ويحتمل أن يكون المراد المعجز الفارق بين سحر الساحر وأمر المسلمين.

﴿ ٣٨