٧

بم ثم قال تعالى: {خشعا أبصارهم يخرجون من الاجداث كأنهم جراد منتشر}.

وفيه قراءات خاشعا وخاشعة وخشعا، فمن قرأ خاشعا على قول القائل: يخشع أبصارهم على ترك التأنيث لتقدم الفعل ومن قرأ خاشعة على قوله: تخشع أبصارهم ومن قرأ خشعا فله وجوه أحدها: على قول من يقول: يخشعن أبصارهم على طريقة من يقول: أكلوني البراغيث ثانيها: في: {خشعا} ضمير أبصارهم بدل عنه، تقديره يخشعون أبصارهم على بدل الاشتمال كقول القائل: أعجبوني حسنهم.

ثالثها: فيه فعل مضمر يفسره يخرجون تقديره يخرجون خشعا أبصارهم على بدل الاشتمال والصحيح خاشعا، روي أن مجاهدا رأى النبي صلى اللّه عليه وسلم في منامه فقال له: يا نبي اللّه خشعا أبصارهم أو خاشعا أبصارهم؟ فقال عليه السلام: خاشعا، ولهذه القراءة وجه آخر أظهر مما قالوه وهو أن يكون خشعا منصوبا على أنه مفعول بقوله: {يوم يدعو * الداع} خشعا أي يدعو هؤلاء،

فإن قيل: هذا فاسد من وجوه

أحدها: أن التخصيص لا فائدة فيه لأن الداعي يدعو كل أحد،

ثانيها: قوله: {يخرجون من الاجداث} بعد الدعاء فيكونون خشعا قبل الخروج وإنه باطل،

ثالثها: قراءة خاشعا تبطل هذا،

نقول أما الجواب

عن الأول فهو أن يقال قوله: {إلى شىء نكر} يدفع ذلك لأن كل أحد لا يدعى إلى شيء نكر

وعن الثاني المراد: (من شيء نكر) الحساب العسر يعني يوم يدع الداع إلى الحساب العسر خشعا ولا يكون العامل في: {يوم يدعو} يخرجون بل اذكروا، أو: {فما تغنى النذر} كما قال تعالى: {فما تنفعهم شفاعة الشافعين} (المدثر: ٤٨) ويكون يخرجون ابتداء كلام،

وعن الثالث أنه لا منافاة بين القراءتين؛ وخاشعا نصب على الحال أو على أنه مفعول يدعو

كأنه يقول: يدعو الداعي قوما خاشعة أبصارهم والخشوع السكون قال تعالى: {وخشعت الاصوات} (طه: ١٠٨) وخشوع الأبصار سكونها على كل حال لا تنفلت يمنة ولا يسرة كما في قوله تعالى: {لا يرتد إليهم طرفهم} (إبراهيم: ٤٣) وقوله تعالى: {يخرجون من الاجداث كأنهم جراد منتشر} (القمر: ٧) مثلهم بالجراد المنتشر في الكثرة والتموج، ويحتمل أن يقال: المنتشر مطاوع نشره إذا أحياه فكأنهم جراد يتحرك من الأرض ويدب إشارة إلى كيفية خروجهم من الأجداث وضعفهم.

﴿ ٧