٩قوله تعالى: {ياأيها الذين ءامنوا إذا تناجيتم ...}. اعلم أن المخاطبين بقوله: {ذلك بأن الذين كفروا} قولين، وذلك لأنا إن حملنا قوله فيما تقدم: {ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى} (المجادلة: ٨) على اليهود حملنا في هذه الآية قوله: {ذلك بأن الذين كفروا} على المنافقين، أي يا أيها الذين آمنوا بألسنتهم، وإن حملنا ذلك على جميع الكفار من اليهود والمنافقين، حملنا هذا على المؤمنين، وذلك لأنه تعالى لما ذم اليهود والمنافقين على التناجي بالإثم والعدوان ومعصية الرسول، أتبعه بأن نهى أصحابه المؤمنين أن يسلكوا مثل طريقتهم، فقال: {فلا تتناجوا بالإثم} وهو ما يقبح مما يخصهم {والعدوان} وهو يؤدي إلى ظلم الغير {ألم تر} وهو ما يكون خلافا عليه، وأمرهم أن يتناجوا بالبر الذي يضاد العدوان وبالتقوى وهو ما يتقي به من النار من فعل الطاعات وترك المعاصي، واعلم أن القوم متى تناجوا بما هذه صفته قلت: مناجاتهم، لأن ما يدعو إلى مثل هذا الكلام يدعو إظهاره، وذلك يقرب من قوله: {لا خير فى كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس} (النساء: ١١٤) وأيضا فمتى عرفت طريقة الرجل في هذه المناجاة لم يتأذ من مناجاته أحد. ثم قال تعالى: {واتقوا اللّه الذى إليه تحشرون} أي إلى حيث يحاسب ويجازي وإلا فالمكان لا يجوز على اللّه تعالى. |
﴿ ٩ ﴾