٤بم ثم قال تعالى: {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم ...}. اعلم أن قوله تعالى: {وإذا رأيتهم} يعني عبد اللّه بن أبي، ومغيث بن قيس، وجد بن قيس، كانت لهم أجسام ومنظر، تعجبك أجسامهم لحسنها وجمالها، وكان عبد اللّه بن أبي جسيما صبيحا فصيحا، وإذا قال: سمع النبي صلى اللّه عليه وسلم قوله، وهو قوله تعالى: {وإن يقولوا تسمع لقولهم} أي ويقولوا: إنك لرسول اللّه تسمع لقولهم، وقرىء يسمع على البناء للمفعول، ثم شبههم بالخشب المسندة، وفي الخشب التخفيف كبدنة وبدن وأسد وأسد، والتثقيل كذلك كثمرة وثمر، وخشبة وخشب، ومدرة ومدر. وهي قراءة ابن عباس، والتثقيل لغة أهل الحجاز، والخشب لا تعقل ولا تفهم، فكذلك أهل النفاق كأنهم في ترك التفهم، والاستبصار بمنزلة الخشب. وأما المسندة يقال: سند إلى شيء، أي مال إليه، وأسنده إلى الشيء، أي أماله فهو مسند، والتشديد للمبالغة، وإنما وصف الخشب بها، لأنها تشبه الأشجار القائمة التي تنمو وتثمر بوجه ما، ثم نسبهم إلى الجبن وعابهم به، فقال: {يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو} وقال مقاتل: إذا نادى مناد في العسكر، وانفلتت دابة، أو نشدت ضالة مثلا ظنوا أنهم يرادون بذلك لما في قلوبهم من الرعب، وذلك لأنهم على وجل من أن يهتك اللّه أستارهم، ويكشف أسرارهم، يتوقعون الإيقاع بهم ساعة فساعة، ثم أعلم (اللّه) رسوله بعداوتهم فقال: {هم العدو فاحذرهم} أن تأمنهم على السر ولا تلتفت إلى ظاهرهم فإنهم الكاملون في العداوة بالنسبة إلى غيرهم وقوله تعالى: {قاتلهم اللّه أنى يؤفكون} مفسر وهو دعاء عليهم وطلب من ذاته أن يلعنهم ويخزيهم وتعليم للمؤمنين أن يدعوا بذلك، و{أنى يؤفكون} أي يعدلون عن الحق تعجبا من جهلهم وضلالتهم وظنهم الفاسد أنهم على الحق. |
﴿ ٤ ﴾