٨{ياأيها الذين ءامنوا توبوا إلى اللّه توبة نصوحا ...}. قوله: {توبة نصوحا} أي توبة بالغة في النصح، وقال الفراء: نصوحا من صفة التوبة والمعنى توبة تنصح صاحبها بترك العود إلى ما تاب منه، وهو أنها الصادقة الناصحة ينصحون بها أنفسهم، وعن عاصم، {نصوحا} بضم النون، وهو مصدر نحو العقود، يقال: نصحت له نصحا ونصاحة ونصوحا، وقال في "الكشاف": وصفت التوبة بالنصح على الإسناد المجازي، وهو أن يتوبوا عن القبائح نادمين عليها غاية الندامة لا يعودون، وقيل: من نصاحة الثوب، أي خياطته و {عسى ربكم} إطماع من اللّه تعالى لعباده. وقوله تعالى: {يوم لا * يخزى اللّه النبى} نصب بيدخلكم، و {لا} تعريض لمن أخزاهم اللّه من أهل الكفر والفسق واستحماد للمؤمنين على أنه عصمهم من مثل حالهم، ثم المعتزلة تعلقوا بقوله تعالى: {يوم لا * يخزى اللّه النبى} وقالوا: الإخزاء يقع بالعذاب، فقد وعد بأن لا يعذب الذين آمنوا، ولو كان أصحاب الكبائر من الإيمان لم نخف عليهم العذاب، وأهل السنة أجابوا عنه بأنه تعالى وعد أهل الإيمان بأن لا يخزيهم، والذين آمنوا ابتداء كلام، وخبره {يسعى}، أو {لا * عبد اللّه}، ثم من أهل السنة من يقف على قوله: {يوم لا * يخزى اللّه النبى} أي لا يخزيه في رد الشفاعة، والإخزاء الفضيحة، أي لا يفضحهم بين يدي الكفار، ويجوز أن يعذبهم على وجه لا يقف عليه الكفرة، وقوله: {بين أيديهم} أي عند المشي {وبأيمانهم} عند الحساب، لأنهم يؤتون الكتاب بأيمانهم وفيه نور وخير، ويسعى النور بين أيديهم في موضع وضع الأقدام وبأيمانهم، لأن خلفهم وشمالهم طريق الكفرة. وقوله تعالى: {يقولون ربنا أتمم لنا نورنا} قال ابن عباس: يقولون ذلك عند إطفاء نور المنافقين إشفاقا، وعن الحسن: أنه تعالى متمم لهم نورهم، ولكنهم يدعون تقربا إلى حضرة اللّه تعالى، كقوله: {واستغفر لذنبك} (محمد: ١٩) وهو مغفور، وقيل: أدناهم منزلة من نوره بقدر ما يبصر مواطىء قدمه، لأن النور على قدر الأعمال فيسألون إتمامه، وقيل: السابقون إلى الجنة يمرون مثل البرق على الصراط، وبعضهم كالريح، وبعضهم حبوا وزحفا، فهم الذين يقولون: {ربنا أتمم لنا نورنا} قاله في "الكشاف"، |
﴿ ٨ ﴾