٩

وقوله تعالى: {ياأيها النبى جاهد الكفار والمنافقين} ذكر المنافقين مع أن لفظ الكفار يتناول المنافقين {واغلظ عليهم} أي شدد عليهم، والمجاهدة قد تكون بالقتال، وقد تكون بالحجة تارة باللسان، وتارة بالسنان،

وقيل: جاهدهم بإقامة الحدود عليهم، لأنهم هم المرتكبون الكبائر، لأن أصحاب الرسول عصموا منها {ومأواهم جهنم} وقد مر بيانه، وفي الآية مباحث:

البحث الأول: كيف تعلق {ذلك بأن الذين كفروا} بما سبق وهو قوله: {عمون وقال الذين كفروا} (التحريم: ٧)؟

فنقول: نبههم تعالى على دفع العذاب في ذلك اليوم بالتوبة في هذا اليوم، إذ في ذلك اليوم لا تفيد وفيه لطيفة: وهي أن التنبيه على الدفع بعد الترهيب فيما مضى يفيد الترغيب بذكر أحوالهم والإنعام في حقهم وإكرامهم.

البحث الثاني: أنه تعالى لا يخزي النبي في ذلك اليوم ولا الذين آمنوا، فما الحاجة إلى قوله {معه}؟

فنقول: هي إفادة الاجتماع، يعني لا يخزي اللّه المجموع الذي يسعى نورهم وهذه فائدة عظيمة، إذ الاجتماع بين الذين آمنوا وبين نبيهم تشريف في حقهم وتعظيم.

البحث الثالث: قوله: {واغفر لنا} يوهم أن الذنب لازم لكل واحد من المؤمنين والذنب لا يكون لازما،

فنقول: يمكن أن يكون طلب المغفرة لما هو اللازم لكل ذنب، وهو التقصير في الخدمة والتقصير لازم لكل واحد من المؤمنين.

البحث الرابع: قال تعالى في أول السورة: {علما ياأيها النبى لم تحرم} (التحريم: ١) ومن بعده {العظيم ياأيها النبى جاهد الكفار} خاطبه بوصفه وهو النبي لا باسمه كقوله لآدم يا آدم، ولموسى يا موسى ولعيسى يا عيسى،

نقول: خاطبه بهذا الوصف، ليدل على فضله عليهم وهذا ظاهر.

البحث الخامس: قوله تعالى: {ومأواهم جهنم} يدل على أن مصيرهم بئس المصير مطلقا إذ المطلق يدل على الدوام، وغير المطلق لا يدل لما أنه يطهرهم عن الآثام.  بم ثم قال تعالى:

﴿ ٩