٣وقوله: {من اللّه} فيه وجهان الأول: أن يكون تقدير الآية بعذاب واقع من اللّه للكافرين الثاني: أن يكون التقدير ليس له دافع من اللّه، أي ليس لذلك العذاب الصادر من اللّه دافع من جهته، فإنه إذا أوجبت الحكمة وقوعه امتنع أن لا يفعله اللّه وقوله: {ذي المعارج} المعارج جمع معرج وهو المصعد، ومنه قوله تعالى: {ومعارج عليها يظهرون} (الزخرف: ٣٣) والمفسرون ذكروا فيه وجوها أحدها: قال ابن عباس في رواية الكلبي: {ذي المعارج}، أي ذي السموات، وسماها معارج لأن الملائكة يعرجون فيها وثانيها: قال قتادة: ذي الفواضل والنعم وذلك لأن لأياديه ووجوه إنعامه مراتب، وهي تصل إلى الناس على مراتب مختلفة وثالثها: أن المعارج هي الدرجات التي يعطيها أولياءه في الجنة، وعندي فيه وجه رابع: وهو أن هذه السموات كما أنها متفاوتة في الارتفاع والانخفاض والكبر والصغر، فكذا الأرواح الملكية مختلفة في القوة والضعف والكمال والنقص وكثرة المعارف الإلهية وقوتها وشدة القوة على تدبير هذا العالم وضعف تلك القوة، ولعل نور إنعام اللّه وأثر فيض رحمته لا يصل إلى هذا العالم إلا بواسطة تلك الأرواح، أما على سبيل العادة أولا كذلك على ما قال: {فالمقسمات أمرا} (الذاريات: ٤)، {فالمدبرات أمرا} (النازعات: ٥) فالمراد بقوله: {من اللّه ذي المعارج} الإشارة إلى تلك الأرواح. المختلفة التي هي كالمصاعد لارتفاع مراتب الحاجات من هذا العالم إليها وكالمنازل لنزول أثر الرحمة من ذلك العالم إلى ما ههنا. |
﴿ ٣ ﴾