١٥

بم قوله تعالى: {كلا إنها لظى * نزاعة للشوى}.

{كلا} ردع للمجرم عن كونه بحيث يود الافتداء ببنيه، وعلى أنه لا ينفعه ذلك الافتداء، ولا ينجيه من العذاب، ثم قال: {أنها} وفيه وجهان

الأول: أن هذا الضمير للنار، ولم يجر لها ذكر إلا أن ذكر العذاب دل عليها

والثاني: يجوز أن يكون ضمير القصة، ولظى من أسماء النار.

قال الليث: اللظى، اللّهب الخالص، يقال: لظت النار تلظى لظى، وتلظت تلظيا، ومنه قوله: {نارا تلظى} ولظى علم للنار منقول من اللظى، وهو معرفة لا ينصرف، فلذلك لم ينون،

وقوله: {نزاعة} مرفوعة، وفي سبب هذا الارتفاع وجوه

الأول: أن تجعل الهاء في أنها عماد، أو تجعل لظى اسم إن، ونزاعة خبر إن، كأنه قيل: إن لظى نزاعة

والثاني: أن تجعل الهاء ضمير القصة، ولظى مبتدأ، ونزاعة خبرا، وتجعل الجملة خبرا عن ضمير القصة، والتقدير: إن القصة لظى نزاعة للشوى

والثالث: أن ترتفع على الذم، والتقدير: إنها لظى وهي نزاعة للشوى، وهذا قول الأخفش والفراء والزجاج.

وأما قراءة النصب ففيها ثلاثة أوجه

أحدها: قال الزجاج: إنها حال مؤكدة، كما قال: {هو الحق مصدقا} وكما يقول: أنا زيد معروفا، اعترض أبو علي الفارسي على هذا وقال: حمله على الحال بعيد، لأنه ليس في الكلام ما يعمل في الحال، فإن قلت في قوله: {لظى} معنى التلظي والتلهب، فهذا لا يستقيم، لأن لظى اسم علم لماهية مخصوصة، والماهية لا يمكن تقييدها بالأحوال، إنما الذي يمكن تقييده بالأحوال هو الأفعال، فلا يمكن أن يقال: رجلا حال كونه عالما، ويمكن أن يقال: رأيت رجلا حال كونه عالما

وثانيها: أن تكون لظى اسما لنار تتلظى تلظيا شديدا، فيكون هذا الفعل ناصبا، لقوله:

﴿ ١٥