٧

ثم قال تعالى: {وإنى كلما دعوتهم لتغفر لهم}.

اعلم أن نوحا عليه السلام إنما دعاهم إلى العبادة والتقوى والطاعة لأجل أن يغفر لهم، فإن المقصود الأول هو حصول المغفرة،

وأما الطاعة فهي إنما طلبت ليتوسل بها إلى تحصيل المغفرة، ولذلك لما أمرهم بالعبادة قال: {يغفر لكم من ذنوبكم} (نوح: ٤) فلما كان المطلوب الأول من الدعوة حصول المغفرة لا جرم قال: {وإنى كلما دعوتهم لتغفر لهم}

واعلم أنه عليه السلام لما دعاهم عاملوه بأشياء:

أولها: قوله: {جعلوا أصابعهم فى ءاذانهم} والمعنى أنهم بلغوا في التقليد إلى حيث جعلوا أصابعهم في آذانهم لئلا يسمعوا الحجة والبينة.

وثانيها: قوله: {واستغشوا ثيابهم} أي تغطوا بها، أما لأجل أن لا يبصروا وجهه كأنهم لم يجوزوا أن يسمعوا كلامه، ولا أن يروا وجهه.

وأما لأجل المبالغة في أن لا يسمعوا، فإنهم إذا جعلوا أصابعهم في آذانهم،

ثم استغشوا ثيابهم مع ذلك، صار المانع من السماع أقوى.

وثالثها: قوله: {وأصروا} والمعنى أنهم أصروا على مذهبهم، أو على إعراضهم عن سماع دعوة الحق.

ورابعها: قوله: {واستكبروا استكبارا} أي عظيما بالغا إلى النهاية القصوى.

﴿ ٧