٩

بم ثم قال تعالى: {ثم إنى دعوتهم جهارا}.

واعلم أن هذه الآيات تدل على أن مراتب دعوته كانت ثلاثة، فبدأ بالمناصحة في السر، فعاملوه بالأمور الأربعة،

ثم ثنى بالمجاهرة، فلما لم يؤثر جمع بين الإعلان والإسرار، وكلمة {ثم} دالة على تراخي بعض هذه المراتب عن بعض أما بحسب الزمان، أو بحسب الرتبة، لأن الجهار أغلظ من الإسرار، والجمع بين الإسرار والجهار أغلظ من الجهار وحده،

فإن قيل: بم انتصب {جهارا}؟

قلنا: فيه وجوه

أحدها: أنه منصوب بدعوتهم نصب المصدر، لأن الدعاء أحد نوعيه الجهار، فنصب به نصب القرفصاء بقعد لكونها أحد أنواع القعود

وثانيها: أنه أريد بدعوتهم جاهرتهم

وثالثها: أن يكون صفة لمصدر دعا بمعنى دعاء جهارا، أي مجاهرا به

ورابعها: أن يكون مصدرا في موضع الحال أي مجاهرا.

﴿ ٩