٤ثم قال: {أو زد عليه} يعني أو زد على هذا النصف نصفه حتى يصير المجموع ثلاثة أرباعه، وحينئذ يرجع حاصل الآية إلى أنه تعالى خيره بين أن يقوم تمام النصف، وبين أن يقوم ربع الليل، وبين أن يقوم ثلاثة أرباعه، وعلى هذا التقدير يكون الواجب الذي لا بد منه هو قيام الربع، والزائد عليه يكون من المندوبات والنوافل، وعلى هذا التأويل يزول الإشكال الذي ذكرتم بالكلية لأن قوله: {إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى اليل ونصفه وثلثه} (المزمل: ٢٠) يدل على أنه عليه الصلاة والسلام لم يقم ثلثي الليل، ولا نصفه ولا ثلثه لأن الواجب لما كان هو الربع فقط لم يلزم من ترك قيام الثلث ترك شيء من الواجبات، فزال السؤال المذكور، واللّه أعلم. قوله تعالى: {ورتل القرءان ترتيلا} قال الزجاج: رتل القرآن ترتيلا، بينه تبيينا، والتبيين لا يتم بأن يعجل في القرآن، إنما يتم بأن يتبين جميع الحروف، ويوفي حقها من الإشباع، قال المبرد: أصله من قولهم: ثغر رتل إذا كان بين الثنايا افتراق ليس بالكثير، وقال الليث: الترتيل تنسيق الشيء، وثغر رتل، حسن التنضيد، ورتلت الكلام ترتيلا، إذا تملهت فيه وأحسنت تأليفه، وقوله تعالى: {ترتيلا} تأكيد في إيجاب الأمر به، وأنه مما لا بد منه للقارىء. واعلم أنه تعالى لما أمره بصلاة الليل أمره بترتيل القرآن حتى يتمكن الخاطر من التأمل في حقائق تلك الآيات ودقائقها، فعند الوصول إلى ذكر اللّه يستشعر عظمته وجلالته، وعند الوصول إلى الوعد والوعيد يحصل الرجاء والخوف، وحينئذ يستنير القلب بنور معرفة اللّه، والإسراع في القراءة يدل على عدم الوقوف على المعاني، لأن النفس تبتهج بذكر الأمور الإلهية الروحانية ومن ابتهج بشيء أحب ذكره، ومن أحب شيئا لم يمر عليه بسرعة، فظهر أن المقصود من الترتيل إنما هو حضور القلب وكما المعرفة. |
﴿ ٤ ﴾