٩أحدهما: تحصيل رضا اللّه. وهو المراد من قوله: {إنما نطعمكم لوجه اللّه} والثاني: الاحتراز من خوف يوم القيامة وهو المراد من قوله: {إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا} وههنا مسائل: المسألة الأولى: قوله: {إنما نطعمكم لوجه اللّه} إلى قوله: {قمطريرا} يحتمل ثلاثة أوجه أحدها: أن يكون هؤلاء الأبرار قد قالوا: هذه الأشياء باللسان، أما لأجل أن يكون ذلك القول منعا لأولئك المحتاجين عن المجازاة بمثله أو بالشكر، لأن إحسانهم مفعول لأجل اللّه تعالى فلا معنى لمكافأة الخلق، وأما أن يكون لأجل أن يصير ذلك القول تفقيها وتنبيها على ما ينبغي أن يكون عليه من أخلص للّه حتى يقتدي غيرهم بهم في تلك الطريقة وثانيها: أن يكونوا أرادوا أن يكون ذلك وثالثها: أن يكون ذلك بيانا وكشفا عن اعتقادهم وصحة نيتهم وإن لم يقولوا شيئا. وعن مجاهد أنهم ما تكلموا به ولكن علمه اللّه تعالى منهم فأثنى عليهم. المسألة الثانية: اعلم أن الإحسان من الغير تارة يكون لأجل اللّه تعالى، وتارة يكون لغير اللّه تعالى أما طلبا لمكافأة أو طلبا لحمد وثناء وتارة يكون لهما وهذا هو الشرك والأول هو المقبول عند اللّه تعالى، وأما القسمان الباقيان فمردودان قال تعالى: {لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى كالذى ينفق ماله رئاء الناس} (البقرة: ٢٦٤) وقال: {وما ءاتيتم من ربا ليربوا فى أموال الناس فلا يربوا عند اللّه وما ءاتيتم من زكواة تريدون وجه اللّه} (الروم: ٣٩) ولا شك أن التماس الشكر من جنس المن والأذى. إذا عرفت هذا فنقول: القوم لما قالوا: {إنما نطعمكم لوجه اللّه} بقي فيه احتمال أنه أطعمه لوجه اللّه ولسائر الأغراض على سبيل التشريك، فلا جرم نفى هذا الاحتمال بقوله: {لا نريد منكم جزاء ولا شكورا}. المسألة الثالثة: الشكور والكفور مصدران كالشكر والكفر، وهو على وزن الدخول والخروج، هذا قول جماعة أهل اللغة، وقال الأخفش: إن شئت جعلت الشكور جماعة الشكر وجعلت الكفور جماعة الكفر لقول: {فأبى الظالمون إلا كفورا} (الإسراء: ٩٩) مثل برد وبرود وإن شئت مصدرا واحدا في معنى جمع مثل قعد قعودا وخرج خروجا. |
﴿ ٩ ﴾