١٤

واعلم أنه تعالى لما حكى عنهم هذه الكلمات قال: {فإنما هى زجرة واحدة فإذا هم * بالساهرة}

وفيه مسائل:

المسألة الأولى: الفاء في قوله: {فإذا هم} متعلق بمحذوف معناه لا تستصعبوها فإنما هي زجرة واحدة، يعني لا تحسبوا تلك الكرة صعبة على اللّه فإنها سهلة هينة في قدرته.

المسألة الثانية: يقال: زجر البعير إذا صاح عليه، والمراد من هذه الصيحة النفخة الثانية وهي صيحة إسرافيل، قال المفسرون: يحيهم اللّه في بطون الأرض فيسمعونها فيقومون، ونظير هذه الآية قوله تعالى: {وما ينظر هؤلآء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق} (ص: ١٥).

المسألة الثالثة: الساهرة الأرض البيضاء المستوية سميت بذلك لوجهين

الأول: أن سالكها لا ينام خوفا منه

الثاني: أن السراب يجري فيها من قولهم عين ساهرة جارية الماء، وعندي فيه وجه ثالث: وهي أن الأرض إنما تسمى ساهرة لأن من شدة الخوف فيها يطير النوم من الإنسان، فتلك الأرض التي يجتمع الكفار فيها في موقف القيامة يكونون فيها في أشد الخوف، فسميت تلك الأرض ساهرة لهذا السبب، ثم اختلفوا من وجه آخر فقال بعضهم: هي أرض الدنيا،

وقال آخرون: هي أرض الآخرة لأنهم عند الزجرة والصيحة ينقلون أفواجا إلى أرض الآخرة ولعل هذا الوجه أقرب.

﴿ ١٤