٢١

أحدها: قوله تعالى: {فكذب وعصى}

وفيه مسائل:

المسألة الأولى: معنى قوله: {فكذب} أنه كذب بدلالة ذلك المعجز على صدقه.

واعلم أن القدح في دلالة المعجزة على الصدق

أما لاعتقاد أنه يمكن معارضته، أو لأنه وإن امتنعت معارضته لكنه ليس فعلا للّه بل لغيره،

أما فعل جنى أو فعل ملك، أو إن كان فعلا للّه تعالى لكنه ما فعله لغرض التصديق، أو إن كان فعله لغرض التصديق لكنه لا يلزم صدق المدعى، فإنه لا يقبح من اللّه شيء ألبتة، فهذه مجامع الطعن في دلالة المعجز على الصدق، وما بعد الآية يدل على أن فرعون إنما منع من دلالته عن الصدق لاعتقاده أنه يمكن معارضته بدليل قوله: {فحشر فنادى} (النازعات: ٢٣) وهو كقوله: {فأرسل فرعون فى المدائن حاشرين} (الشعرا: ٥٣).

المسألة الثانية: في الآية سؤال وهو أن كل أحد يعلم أن كل من كذب اللّه فقد عصى، فما الفائدة في قوله: {فكذب وعصى} ؟

والجواب: كذب بالقلب واللسان، وعصى بأن أظهر التمرد والتجبر.

المسألة الثالثة: هذا الذي وصفه اللّه تعالى به من التكذيب والمعصية مغاير لما كان حاصلا قبل ذلك، لأن تكذيبه لموسى عليها لسلام وقد دعاه وأظهر هذه المعجزة.

يوفى على ما تقدم من التكذيب ومعصيته بترك القبول منه، والحال هذه مخالفة لمعصيته من قبل ذلك.

﴿ ٢١